ماذا جرى؟

مقدمة كتاب: ماذا جرى؟ – سيرة الصمود والحب في وجه الألم

على هذه الأرض التي يُولد فيها الحلم من رحم المأساة، وحيث تتحول الحياة إلى معركة من أجل البقاء، كُتبت حكايتي. أنا سائد حسونة، رجل صاغته الأوجاع، ونسجته الحروب، وأعاد تشكيله الحب والصبر والإيمان.

ليس من السهل أن تسرد حكايتك عندما تكون كل صفحة فيها مطوية بدمعة، وكل سطر محفورًا بندبة. عشتُ عمري على حدود الموت والحياة، فقدتُ فيها أحبّ الناس إلى قلبي: زوجتي أمنة، التي تركت فراغًا لا يملأه إلا الذكرى، وابني مهدي، الذي غادر عالمنا شهيدًا قبل أن يعرف طعم الحياة كاملة.

هذه الصفحات ليست مجرد سردٍ لذكريات رجل عاش في غزة، المدينة التي تقاوم كل يوم لأجل البقاء. إنها صرخة روح تصدح في وجه الظلم، وشهادة على أن الإنسان قادر على الوقوف على قدميه حتى في أشد اللحظات ظلمة. إنها حكاية من عاش الحزن بكل أبعاده، لكنه أبى أن يستسلم، وجعل من الجراح أجنحة تحمله نحو الأمل.

أكتبُ هذا الكتاب لأنه ليس أمامي خيار آخر. أكتب لأنني أؤمن أن الحكايات تصمد حيث لا تصمد الجدران، وأن الذكرى تحافظ على الحياة في قلوبنا، حتى بعد أن ينطفئ النور.

أهدي هذا الكتاب إلى روح زوجتي أمنة، التي كانت حضنًا دافئًا في عالم بارد، وإلى روح ابني مهدي، الذي أضاء حياتنا لوقت قصير لكنه ترك شعلة لا تنطفئ. وإلى أبنائي، الذين يُعلمونني كل يوم أن الحياة تستحق القتال من أجلها، مهما كان الثمن.

هنا، على هذه الصفحات، تبدأ الحكاية.

سائد حسونة
غزة، فلسطين

 

  • يمكنكم الاطلاع على جميع المذكرات واليوميات المرتبطة بهذا النص، الذي يمثل جزءًا من مذكرات الصحفي سائد حسونة. يشكل هذا التوثيق الشخصي شهادة حية على أحداث الحرب على غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، من خلال (الضغط هنا)
زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content