دور الإعلام الرقمي في تعزيز الرواية الفلسطينية خلال الحرب على غزة: رؤية تحليلية
تم إعداد هذه المادة من قبل سائد حسونة لتكون مرجعًا غنيًا وموثوقًا للباحثين والصحفيين المهتمين بفهم دور الإعلام الرقمي والمرئي في إبراز نجاحات المقاومة الفلسطينية ومواجهة الدعاية المضللة. تسعى هذه المادة إلى تسليط الضوء على الجهود الإعلامية الفلسطينية، وما حققته من تأثيرات محلية ودولية في خدمة القضية الفلسطينية، مع التركيز على أبرز التحديات والفرص المتاحة في هذا المجال الحيوي. تأتي هذه المادة في إطار تعزيز المعرفة وتوفير رؤية تحليلية تدعم العمل الصحفي والبحث الأكاديمي المرتبط بالقضايا الإنسانية والنضالية.
مع تطور وسائل الإعلام، أصبح الإعلام الرقمي والمرئي من أبرز الأدوات التي تعتمد عليها المقاومة الفلسطينية لنقل رسالتها وإبراز نجاحاتها. هذه الأدوات ساهمت بشكل ملحوظ في توسيع نطاق القضية الفلسطينية وتعزيز حضورها على المستوى الدولي والمحلي. التقرير التالي يسلط الضوء على الأدوار المتعددة التي لعبتها هذه الوسائل في دعم الرواية الفلسطينية ومواجهة الدعاية المضادة.
أولاً: التأثير في الرأي العام الدولي
نجح الإعلام الرقمي في كسر الحواجز اللغوية والثقافية من خلال إنتاج محتوى بسيط وفعال، مثل مقاطع الفيديو والرسوم البيانية. هذه الوسائل مكّنت القضية الفلسطينية من الوصول إلى جمهور عالمي غير ناطق بالعربية.
على سبيل المثال، حملات مرئية مثل توثيق معاناة الفلسطينيين أثناء العدوان أو تسليط الضوء على نجاحات المقاومة وجّهت رسالة واضحة إلى العالم. الصور الموثوقة والمقاطع المؤثرة التي تعرض صمود الفلسطينيين وعمليات المقاومة النوعية خلقت حالة من التعاطف والوعي في أوساط المشاهدين.
ثانيًا: تعزيز الوحدة المحلية والإقليمية
الإعلام الرقمي، بمحتواه المؤثر، أسهم في تقوية الروابط بين الشعوب العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية. من خلال تسليط الضوء على لحظات بطولية وأحداث فارقة، استطاع الإعلام تعزيز الشعور بالانتماء للقضية الفلسطينية.
خلال العدوان الأخير على غزة، كانت الصور والفيديوهات التي توثق صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال من أبرز الوسائل التي حفزت المجتمعات الإقليمية على تنظيم مظاهرات، حملات تضامن، وجمع تبرعات لدعم القضية.
ثالثًا: إظهار قدرات المقاومة
لعب الإعلام المرئي دورًا كبيرًا في إبراز تطور المقاومة الفلسطينية على المستويين العسكري والإعلامي. تقارير ميدانية ووثائق مرئية عن العمليات النوعية للمقاومة، مثل استهداف المواقع العسكرية أو نجاحاتها في ردع الاحتلال، لم تقتصر على إظهار القوة فقط، بل أبرزت أيضًا البعد الإنساني لهذه العمليات.
تساهم هذه المواد في تعزيز ثقة الشعب الفلسطيني بمقاومته، وتؤكد قدرتها على الدفاع عن الحقوق الوطنية رغم تفوق الاحتلال العسكري.
رابعًا: بناء رواية متماسكة ضد التضليل
في ظل الحملات الإعلامية المضللة التي تنشرها وسائل إعلام داعمة للاحتلال، تمكن الإعلام الفلسطيني من التصدي لهذه المحاولات بذكاء وفعالية.
المحتوى الرقمي الذي يُنتج بعناية واحترافية يكشف زيف الادعاءات الإسرائيلية، ويضع المشاهد في قلب الحدث. نشر مقاطع فيديو توضح الانتهاكات الإسرائيلية مثل قصف المدنيين والمرافق الصحية كان له دور كبير في تعزيز مصداقية الرواية الفلسطينية وإحباط محاولات الاحتلال لتشويه الحقائق.
خامسًا: التكنولوجيا كحليف للمقاومة الإعلامية
التكنولوجيا الحديثة، مثل منصات التواصل الاجتماعي، منحت الإعلام الفلسطيني القدرة على الوصول السريع للجماهير. حملات مثل “#GazaUnderAttack” التي استُخدمت بشكل واسع في العدوان الأخير أثبتت قدرة الإعلام الرقمي على حشد الدعم والتضامن العالمي بسرعة وفعالية.
التحديات التي تواجه الإعلام الفلسطيني
رغم النجاحات، إلا أن الإعلام الرقمي الفلسطيني يواجه تحديات كبيرة، من بينها:
- الرقابة وحذف المحتوى: منصات مثل فيسبوك وإنستغرام تفرض قيودًا على نشر المحتوى الفلسطيني، بما في ذلك حذف المواد التي توثق الجرائم الإسرائيلية.
- الموارد المحدودة: إنتاج محتوى رقمي احترافي يتطلب موارد مالية وتقنية غالبًا ما تكون محدودة.
خاتمة
الإعلام الرقمي والمرئي أصبح جزءًا لا يتجزأ من معركة الفلسطينيين ضد الاحتلال. من التأثير على الرأي العام الدولي إلى تعزيز الوحدة المحلية، أثبتت هذه الوسائل قدرتها على تغيير قواعد اللعبة وإبراز نجاحات المقاومة.
ورغم التحديات، يبقى الإعلام الفلسطيني الرقمي قوة مؤثرة في مواجهة الدعاية المضادة، وحائط صد يحمي الرواية الفلسطينية من محاولات التزييف. ومع استمرار الدعم الشعبي والابتكار الإعلامي، يمكن للإعلام الفلسطيني أن يواصل توسيع دائرة تأثيره على المستويين الإقليمي والدولي.
سائد حسونة
مختص في الإعلام الاجتماعي والتقنية