“فيس بوك” تُغلق حسابات صحفيين ونشطاء فلسطينيين
في إطار محاربة المحتوى الفلسطيني، بحسب حقوقيين ومؤسسات صحفية
أغلق موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، صفحات وحسابات العشرات من الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين، خلال الفترة الأخيرة، وفق مصادر فلسطينية.
وتفاجأ الصحفيون والنشطاء، بإغلاق صفحاتهم وحساباتهم على فيس بوك دون إشعارهم بذلك.
وسبق وأن شنّ موقع “فيس بوك” حملات مشابهة لإغلاق حسابات صحفيين فلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية.
وكانت مؤسسة “إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان” (مقرها في لندن)، قد اتهمت إسرائيل العام الماضي بـ”توظيف علاقاتها مع شركة فيسبوك لمحاربة المحتوى الفلسطيني في الفضاء الإلكتروني الأزرق”.
وعام 2018، أعلنت وزارة القضاء الإسرائيلية أن إدارة موقع فيسبوك استجابت عام 2017 لما يقرب من 85% من طلبات إسرائيل، لإزالة وحظر وتقديم بيانات خاصة بالمحتوى الفلسطيني على موقع التواصل.
تكرر الإغلاق
الصحفي جهاد بارود، مدير شبكة “عين الإعلامية”، تعرّض حسابه الشخصي، الاثنين، للإغلاق النهائي بشكل فجائي.
وقال بارود لوكالة الأناضول “إن إدارة الموقع، لم تتجاوب مع محاولات استعادة الحساب، وتم الإغلاق”.
وبيّن أن صفحة الشبكة أُغلقت هي الأخرى قبل نحو شهر، للمرة السابعة على التوالي، في إطار محاربة المحتوى الفلسطيني.
وذكر أن صفحته الشخصية والصفحة التابعة للشبكة، لم تخالفا سياسات النشر، ولا يوجد مبرر لدى فيس بوك لإغلاقهما غير محاربة الرواية الفلسطينية.
وأشار إلى أنه امتنع وإدارة الصفحة عن نشر أي كلمات حظرتها فيس بوك لها علاقة بالمقاومة الفلسطينية، كما أن الوسائط المنشورة ليست أكثر من صور جمالية وتعبيرية وأخبار عامة.
واستكمل قائلا “هي حرب تشنّها إدارة الموقع بالتعاون مع الاحتلال، على أساس أن يحظر المحتوى الفلسطيني، ويغيّب الصوت الفلسطيني، ويحرص على عدم وجود رسالة مؤثرة له تصل إلى الخارج”.
واستنكر بارود سياسة “فيس بوك”، والتي تأتي في ظل سياسة التطبيع مع إسرائيل والتي بدأتها الدراما العربية (الخليجية).
ويقول الصحفي الفلسطيني محمد أبو دقة لـ”الأناضول”، إن إدارة فيس بوك أوقفت حسابه، قبل نحو 6 أيام، بشكل نهائي.
وأوضح أن هذا التعطيل جاء بتهمة “انتهاك حقوق ومعايير الفيس بوك”، وفق ما أورده “فيس بوك” في رسالته، دون تحديد تلك المعايير المُنتهكة بشكل خاص.
وذكر أبو دقة أن إدارة فيس بوك “لم تشعره بإيقاف حسابه، بل فوجئ بهذا الأمر”.
وهذا الحساب الثالث الذي يتم تعطيله نهائيا لأبو دقة على موقع التواصل الاجتماعي، حيث تم إغلاق أول حساب له عام 2019.
ويصف أبو دقة التهم التي ترفقها إدارة “فيس بوك” في رسالتها للصحفيين الذي تعطّلت حساباتهم بـ”غير المقنعة”.
ويرى أن هذه الخطوة تأتي في إطار محاربة المحتوى الفلسطيني، وتتزامن مع المساعي الإسرائيلية في “طمس الرواية الفلسطينية وتغييب الصورة الحقيقية عن انتهاكات الاحتلال عن العالم”.
انتهاك للحقوق المكفولة
المختص في الإعلام الاجتماعي، سائد حسونة، قال إن إدارة فيس بوك تغلق حسابات الصحفيين دون إشعارهم بذلك، بينما يجب أن يتم إغلاق الصفحات بعد المرور بثلاث مراحل من الإشعار.
ويصف حسونة معايير “فيس بوك” التي تلاحق المحتوى الفلسطيني بـ”المجحفة”، حيث يتم إغلاق الحسابات بناء على استخدام كلمة معينة لها مثلا علاقة بالمقاومة الفلسطينية أو ضد إسرائيل، أو في حال ترافق محتوى الوسائط المنشورة مع ذلك.
وأضاف “عانى الصحفيون والناشطون مثلا أيام تغطية مسيرات العودة وكسر الحصار (انطلقت نهاية مارس/ آذار الماضي)، من منع منشوراتهم أو يصل إلى إيقاف حساباتهم، نتيجة نشر صور، يعتبرها فيس بوك عنيفة”.
ويرى حسونة أن “المحتوى والرواية الفلسطينية” هي المستهدفة من وراء إغلاق حسابات الصحفيين.
وذكر أن ذلك يناقض حرية التعبير عن الرأي التي كفلتها القوانين والأعراف الدولية.
وأكد على ضرورة تأمين الصحفيين لحساباتهم، وإعادة صياغة المحتوى بحيث يصبح قادرا على إيصال الفكرة المقصودة، لكن بشكل غير صريح، وبذلك ينسجم مع سياسات “فيس بوك”.
وتابع “إسرائيل وضمن اتفاقية بينها وبين فيس بوك، قدّمت خوارزمية فيها بعض المصطلحات والإشارات للمحتوى الفلسطيني، وإدارة الموقع تعاملت معها بإيجابية وبناء عليه يتم إيقاف الحسابات”.
ومنذ 2019، بدأ الصحفيون والناشطون بالتحايل على خوارزميات “فيس بوك”، من خلال نشر الكلمات التي تعتبرها إدارة الموقع مخالفة لسياسات النشر، منقوصة الحروف أو تتضمن حروفا باللغة الإنجليزية.
ويرى حسونة أن عملية التحايل غير مجدية كثيرا، حيث يتم كشفها.
بدوره، قال الصحفي قاسم الأغا، مسؤول العلاقات العامة بالتجمع الإعلامي الفلسطيني (غير حكومي)، إن “ما يحدث من إغلاق للحسابات الفلسطينية، يأتي في إطار تبادل الأدوار بين إدارة فيس بوك وقيادة كيان الاحتلال، في محاولة مستمرة لتغييب الرواية الفلسطينية”.
واستنكر الأغا تلك السياسة التي تنتهجها إدارة “فيس بوك”، معتبرا إياها “انتهاكا صارخا لحرية الرأي والتعبير”.
من جانبها، دعت لجنة دعم الصحفيين (غير حكومية)، إدارة “فيس بوك”، لوقف ملاحقة المحتوى الفلسطيني، بعد أن قامت بتعطيل عشرات الحسابات لنشطاء فلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.
وقالت اللجنة، في بيان تلقّت “الأناضول” نسخة منها، إنها رصدت، خلال شهر أبريل/ نيسان الماضي، عشرات الانتهاكات على مواقع التواصل بحق الحسابات الشخصية لنشطاء فلسطينيين ، بالإضافة لوضع القيود على الكثير من هذه الحسابات مثل تعطيل البث المباشر.
وطالبت اللجنة بضرورة “وقف ملاحقة المحتوى الفلسطيني، وإعادة تفعيل الحسابات التي تم تعطيلها”.
وناشدت “المؤسسات الدولية وعلى رأسها الاتحاد الدولي للصحفيين، ومنظمة اليونسكو ومؤسسة مراسلون بلا حدود للضغط على إدارة فيس بوك التي تمارس ازدواجية في التعامل والمعايير”.
وتابعت اللجنة “فيس بوك تطلق العنان للصفحات الإسرائيلية التي تدعو للعنصرية والكراهية، وتقوم في ذات الوقت بالتضييق على الصفحات الفلسطينية”.
وشددت على أن هذه السياسة “منافية لكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي تنص على احترام حرية الرأي والتعبير”.
وأشارت اللجنة أن الهدف من هذا التضييق هو “تغييب الصوت الفلسطيني في ظل المخططات الإسرائيلية المستمرة، التي تستهدف الوجود الفلسطيني واقتلاعه من أرضه”.
- المصدر: الأناضول، نور أبو عيشة