قدس تكشف عمليات اختراق حسابات نشطاء وحراكيين على مواقع التواصل الاجتماعي
تخشى الناشطة الحراكية إسلام الفايز من مدينة رام الله أن يستخدم حسابها في تطبيق التلغرام والذي أنشئ باستخدام رقم هاتفها المحمول من قبل جهات مجهولة في مراسلات قد تسيء لها أو تعرض أمنها الشخصي وحريتها للخطر، كما تؤكد في إفادتها لـ شبكة قدس، مشيرةً إلى أنها اضطرت للنشر عبر صفحتها على موقع الفيسبوك أن جهة مجهولة استخدمت رقم هاتفها الشخصي في إنشاء حساب على أنه يتبع لها، ولا تدري حتى اللحظة ما هي مهمته وما المراسلات التي تجري من خلاله.
تقول الفايز التي تعرضت للاعتقال في 5 يوليو الجاري خلال تضامنها أمام مركز شرطة البالوع مع عدد من المعتقلين السياسيين، إن أقارب لها استفسروا منها عن إنشائها لحساب على التلغرام، وقد ردت بالنفي، وقد أثار الأمر استغرابها ودفعها للتوجه إلى وحدة الجرائم الإلكترونية في الشرطة الفلسطينية من أجل تقديم شكوى بالخصوص.
وتضيف الفايز أن الهدف من تقديم الشكوى لم يكن فقط اكتشاف من قام بهذه الخطوة، وإنما إخلاء مسؤوليتها عن أي مراسلة أو إجراء قد يقوم به الحساب، لكنها تفاجأت بأن الضابط الذي قابلها رفض استلام أي شكوى منها، وأصرّ على ضرورة إحضار هاتفها من أجل فحصه، لأن هذه الحالة لم تمرّ على الوحدة كما أوضح لها في النقاش الذي دار بينهما لساعات متأخرة من الليل، وقد رفضت الخروج من المقر دون تقديم شكوى.
وتكشف الناشطة الفايز أن رسالة وصلتها على بريدها الإلكتروني تفيد بأن حساب تلغرام أنشئ من خلال رقم هاتفها، لكن هذه الأدلة لم تقنع وحدة الجرائم الإلكترونية لكي تبدأ بإجراءات فعلية لكشف الجهة المتورطة في الأمر، “وأخشى أن يتم إنشاء قناة على التلجرام باسمي ونشر ما هو مسيء لي أو ما قد يُعتبر ذما وقدحا وتشهيرا بجهات أو مؤسسات أو أشخاص من أجل إدانتي”.
وترى الفايز في حديثها مع شبكة قدس أنها لا تستطيع تحديد المتورط بهذه القضية في هذه المرحلة خاصة وأن لا إجراءات حقيقية اتخذتها الجهات الرسمية بالخصوص، لكن رقم الهاتف الذي بحوزتها يتبع لإحدى شركات الاتصال الفلسطينية، متسائلة: كيف يمكن لشخص أو جهة ما أن تحصل على “الكود” أو الرمز السري الذي ترسله شركة التلجرام عند إنشاء حساب ما لرقم هاتف ما؟!. وبالنسبة للناشطة الفايز تتحمل شركة أوريدو – على الأقل – المسؤولية بصفتها الشركة مزودة الخدمة، والتي يمكنها منح شرائح بنفس الرقم.
في الأسابيع الأخيرة تكرر الأمر ذاته مع الأسير المحرر سفيان جمجوم من مدينة الخليل، الذي لم يتمكن من الدخول إلى صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مشيرا في مقابلة مع شبكة قدس إلى أن الجهة التي نفذت الاختراق قامت بتغيير الرقم السري. لكنه وعلى عكس ما قامت به الناشطة الفايز، لم يتوجه جمجوم للأجهزة الأمنية وتحديدا وحدة الجرائم الإلكترونية لأنه لم يعد يثق بها لأنها تقوم بدور يقمع الحريات ويلاحق النشطاء.
ويؤكد جمجوم أن هذا النوع من الاختراق تكرر معه أكثر من مرة، وقد أثر على عمله، إذ أنه يستخدم صفحته على الفيسبوك للترويج لعدة البناء التي يعمل في مجال بيعها، وأيضا يُجري محادثات تتعلق بعمله خاصة عمليات البيع والشراء، مع الإشارة إلى أنه أحد الأسرى المقطوعة رواتبهم. مضيفا: أشعر أحيانا أننا محاصرون من كل الجهات، حتى مصدر رزقي الوحيد الذي لجأت إليه بعد قطع راتبي يتم التخريب عليّ فيه من خلال هذه الاختراقات.
ووثقت شبكة قدس العديد من الإفادات في هذا السياق، وقد رفض معظم من تحدث إليهم معدّ التقرير نشر قصصهم حتى لا يتم استغلال ذلك من قبل جهات أو أشخاص آخرين غير أولئك الذين قاموا بعملية الاختراق مباشرة. في حين أكد أحد الصحفيين من مدينة رام الله أن حسابه على الفيسبوك تم اختراقه وتغيير الرقم السري الخاص بها، ومنذ ذلك الحين أصبح مضطرا للنشر بين الفينة والأخرى أن الحساب لم يعد له ولا يستطيع تسجيل الدخول إليه.
ويوضح الصحفي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أنه تم تسجيل الخروج من حسابه فجأة، وعندما حاول استعادته من خلال رقم هاتفه الشخصي لم يُرسل إليه أي رمز عبر رسائل sms، وقد أكد له بعض الأصدقاء أن الحساب نشط معظم الوقت، ما يعني أن هناك من يديره، مشيرا إلى أنه كان عضوا في عدد من مجموعات العمل التابعة لوسيلة الإعلام التي يعمل بها، بالإضافة لوجوده كمحرر في صفحات إخبارية على الفيسبوك.
ويؤكد مصدر أمني فلسطيني – فضل عدم الكشف عن اسمه – أن الهدف من الاختراقات هو الكشف عن نشاطات معينة يشتبه أن الشخص الذي يتم اختراق جهازه شريكا بها، ومن بينها تنسيق المظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية، بالإضافة للبحث عن محادثات ومراسلات وصور يمكن استخدامها للضغط على هؤلاء الأشخاص. لكن أحد أهم أهداف الاختراقات هو شعور الناشطين بعدم الأمان، وبالتالي تحجيم دورهم ومستوى التنسيق والنقاش فيما بينهم، يوضح المصدر لـ شبكة قدس.
ويؤكد خبير أمن المعلومات سائد حسونة أن مسألة إنشاء حساب تلجرام أو تغيير الرقم السري على الفيسبوك أصبح أمرا صعبا، خاصة على التطبيق الأول، لكن ذلك يتم من خلال طريقتين فقط: الأولى، مسح رقم “الباركود” وهذا يتطلب أن يدخل المخترق بشكل مباشر إلى الهاتف الخلوي أي أن يدخل للتطبيق ويقوم بمسح “الباركود” على جهازه، وهذه الطريقة هي التي حاولت وحدة الجرائم الإلكترونية إقناع الناشطة الفايز بأنها الوحيدة التي يمكن من خلالها إنشاء أو تفعيل حساب على نفس الرقم، لكنها أكدت لهم أن “لا أحد يمسك جهازها”.
والطريقة الثانية، وفق ما يوضح الخبير حسونة في حديثه مع شبكة قدس، تكون من خلال استصدار شريحة على نفس الرقم من خلال مزود الخدمة، سواء بشكل منظم ورسمي أو من خلال جهات تعمل داخل الشركة مزودة الخدمة تتبع للجهات المعنية بالاختراق، وهي الطريقة الأكثر ترجيحا وإمكانية خاصة إذا كان الاختراق له أبعاد أمنية وسياسية.
ويشدد حسونة على أن الضحية يجب أن ترفع الغطاء القانوني عن الرقم، من خلال إبلاغ الجهات الأمنية ذات الاختصاص، لكن ذلك أمرا في غاية التعقيد كما تؤكد الناشطة الفايز التي واجهت صعوبة كبيرة في تقديم شكوى بهذا الشأن، ولم يتم متابعتها أصلا ولم يتم السير في إجراءات تؤكد جدية الجهات الأمنية في الكشف عن هذه الجهات.
وقد يقع الأشخاص الذين تعرضوا لهذا النوع من الاختراق ضحايا لملاحقات قانونية بسبب مراسلات أو منشورات قامت بها هذه الحسابات التي تديرها جهات مجهولة، وهنا يقع على عاتق صاحب الحساب إثبات عدم علاقته به ويصبحوا متهمين، يؤكد الخبير بالشأن القانوني بلال محفوظ، مشيرا في مقابلة مع شبكة قدس إلى أن الأصل هو توجه الضحايا إلى النيابة مباشرة وتقديم شكوى بالخصوص لرفع الغطاء عن هذه الحسابات والتحقيق في الطريقة التي تمت فيها عملية الاختراق.
توجهت شبكة قدس إلى شركات الاتصال التي ذكرها النشطاء في إفاداتهم من أجل منحهم حق الرد على ما ورد من معلومات، لكنهم رفضوا التعقيب. كما حاول معدّ التقرير التواصل مع وحدة الجرائم الإلكترونية في الشرطة الفلسطينية دون رد، مع الإشارة إلى أن حق الرد محفوظ لكل الجهات المذكورة.
المصدر: شبكة قدس الإخبارية