تقارير صحفية

هل يستخدم بن غفير “تويتر” كـ”منصة حرب” ضد الفلسطينيين؟

بشكل يومي يستخدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير منصة التواصل الاجتماعي “تويتر”، مغرداً بقراراته المعبرة عن محاصرة الفلسطينيين والتضييق عليهم، دون مراعاة لقوانين الموقع التي تنبذ العنف.

بن غفير هو محامي بالأصل وسياسي يميني متطرف في إسرائيل وزعيم حزب “القوة اليهودية” وانتخب عضواً في الكنيست للمرة الأولى عام 2021، فيما حصل على أول حقيبة وزارية له في حكومة بنيامين نتنياهو الأخيرة عام 2022، ويشغل فيها منصب وزير الأمن القومي.

يقرر السياسات من “تويتر”

يدير بن غفير صفحته على “تويتر” بنفسه ولا يسمح لمكتبه الفني بإدارتها، ويغرد عليها بمحتوى متنوع، ما بين القرارات الحكومية التي يتخذها في إطار منصبه كوزير، أو التهديدات التي باتت لغته المستمرة، وفي الحالتين يستهدف في خطابه الفلسطينيين.

من خلال المنصة، دعا بن غفير الحكومة الإسرائيلية إلى تنفيذ عملية واسعة في غزة، وكذلك شرح في تغريدة له سياسة الرد على الصواريخ التي تنطلق من القطاع بأن كل قذيفة يقابلها 50 صاروخاً سيسقط على منشآت عسكرية تابعة لحماس. وأيضاً كتب أن “إطلاق الصواريخ من غزة، لن يمنعه من مواصلة العمل على إلغاء الظروف الحالية للأسرى، وأنه يخطط لهجوم شرس ضد القطاع”. وكشف من خلال تغريدة له أن “الكنيست وافق له على طرد الأسرى الإسرائيليين العرب إلى غزة بعد سحب الجنسية من أي منفذ لهجمات ضد بلاده”.

لم تقتصر تغريدات بن غفير على غزة، بل أيضاً تشمل الفلسطينيين في جميع مناطق وجودهم، وغرد بقرارات حكومية اتخذها، وكان منها أنه أغلق مخبزاً في سجن نفحة كان يعد خبزاً طازجاً للأسرى الفلسطينيين، وكذلك نشر توجهاً له بحظر رفع أي علم لمنظمة التحرير الفلسطينية في المجال العام ووقف أي تحريض ضد دولة إسرائيل، وغرد أيضاً بمطالبته لمجلس الوزراء الإسرائيلي بالإخلاء الفوري للخان الأحمر.

ينشر تحركاته

يستخدم بن غفير “تويتر” قبل تعيينه وزيراً، لكنه في تلك الفترة كان ينشر انتقادات لاذعة لحكومة رئيسي الوزراء الإسرائيليين السابقين يائير لبيد ونفتالي بينيت في تعاملهما مع غزة، والتساهل في القدس الشرقية، كما أنه كان يغرد في مواعيد يحددها لاقتحام المسجد الأقصى.

يتعمد بن غفير أسلوب التغريد المستمر على “تويتر”، ولا يزال يستخدمه في نشر جميع تحركاته، فعند لقائه مع مايك بومبيو وزير خارجية أميركا في حكومة الرئيس السابق دونالد ترمب التقط صورة له ونشرها، وكذلك بث مقطعاً مصوراً قصيراً عند وصوله إلى مكان عملية نفذها فلسطيني، وأذاع صوراً له في لقاءات حكومية وكتب عليها “أضرب بسعادة”. وغرد بصورة له في احتفال مصغر مع سكان مستوطنة وهو يشرب معهم كأساً من النبيذ.

115 تغريدة في شهرين

منذ تولي بن غفير منصبه الحكومي، غرد عبر منصة “تويتر” نحو 115 مرة، كان من بينها نشره نحو 9 قرارات اتخذها بصفته الرسمية وتخص إسرائيل، و45 تغريدة نشر فيها قرارات ضد الفلسطينيين شملت السجون وقطاع غزة والضفة الغربية، فيما غرد نحو 20 مرة بعبارات تصنف بأنها تحريضية أو تشجع على العنف ضد الفلسطينيين، فيما توزع الباقي ما بين نشر صور له أو مقابلات صحافية أجراها أو زيارات ميدانية نفذها.

ولا يقتصر نشاط بن غفير على “تويتر”، بل أيضاً يدير الوزير الإسرائيلي منصة له على تطبيق للتراسل الفوري “تيليغرام”، وفيها يمكن للجميع التعليق على رسائله والحصول على رد منه بشكل مباشر، وبحسب المتابعة، فإن محتواه فيها لم يختلف كثيراً عن تغريداته.

مسؤول مكافحة

يعتبر بن غفير تغريداته جزءاً من مهمته الرسمية وهو يؤديها على أكمل وجه، بخاصة بعد أن كلفه نتنياهو قيادة فريق مكافحة التحريض الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتنسيق بين جهات التحقيق والشرطة الإسرائيلية.

ومنذ توليه قيادة فريق مكافحة التحريض الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، عكف بن غفير على نشر تغريدات يصفها الفلسطينيون بأنها تحريضية ضدهم، وتدعو إلى العنف بما لا يتوافق مع شروط النشر في المنصات المختلفة.

يقول بن غفير حول محاربته المحتوى إنه شكل ثلاث فرق تعمل يومياً على مراقبة ما يكتبه الفلسطينيون على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بالتنسيق الكامل مع وزارة العدل، وبمشاركة مسؤولين من جهاز الأمن العام (الشاباك)، والجيش والهيئة الوطنية للأمن السيبراني.

ويضيف، “سنعمل على فتح التحقيق وتقديم المتهمين الذين يكتبون ضد إسرائيل للمحاكمة، وسنجمع ونراقب المحتوى التحريضي ونقدمه للعالم وإلى إدارة المنصات، فيما ستتخذ محلياً أدوات قانونية للتعامل مع التحريض الفلسطيني”.

حرب منصات جديدة

فور بدء بن غفير إدارة فريق مكافحة التحريض، بات الفلسطينيون يخشون من أن يتحول عمله هذا إلى حرب جديدة على منصات التواصل الاجتماعي، وأن يكرس مهامه في اتخاذ مزيد من قرارات التضييق عليهم إلكترونياً.

حول ذلك يقول محلل الشؤون الفلسطينية في هيئة البث الإسرائيلي غال بيرغر إنهم رصدوا أن تغريدات بن غفير على “تويتر” تأتي في إطار منصبه الحكومي، فهو ينظر إلى نفسه بأنه وزير الأمن القومي وعليه أن يؤكد عمله في هذا الجانب الذي يشمل قضايا حساسة للغاية.

ويضيف، “بحسب الرؤية التحليلية فإن بن غفير في تغريداته المستمرة، والتي يخصصها ضد العرب والفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والأسرى، يعتقد أنه يزيد شعبيته في إسرائيل ويمارس دعاية سياسية له”.

ويوضح بيرغر أن تغريدات بن غفير تعد حرباً جديدة لم تعهد بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فهذه المرة الأولى التي يغرد فيها مسؤول حكومي في تل أبيب بهذه الطريقة.

من وجهة نظر الفلسطينيين، يقول استشاري الإعلام الاجتماعي سائد حسونة إن تغريدات بن غفير تعد هجمة على الفلسطينيين، وهي أيضاً من ناحية قانونية تخالف معايير النشر، لكن لم يتعرض الوزير إلى إيقاف صفحته أو تقييده أو حظره لفترة معينة، وهذا يدلل على ازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية.

 

  • المصدر: اندبندنت عربية – عز الدين أبو عيشة
زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content